سورة النور - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


قوله تعالى: {يُزْجِي سَحَاباً} فيه وجهان
أحدهما: ينزله قليلاً بعد قليل، ومنه البضاعة المزجاة لقلتها.
الثاني: أنه يسوقه إلى حيث شاء ومنه زجا الخراج إذا انساق إلى أهله قال النابغة:
إِنِّي أتَيْتُكَ من أَهْلِي ومنْ وَطَنِي *** أُزْجِي حُشَاشَةَ نَفْسٍ ما بِها رَمَقٌ
{ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} أي يجمعه ثم يفرقه عند انتشائه ليقوى ويتصل.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً} أي يركب بعضه بعضاً
{فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} فيه قولان
أحدهما: أن الودق البرق يخرج من خلال السحاب قال الشاعر:
أثرن عجاجة وخرجن منها *** خروج الودق من خلَلَ السحاب
وهذا قول أبي الأشهب
الثاني: أنه المطر يخرج من خلال السحاب، وهو قول الجمهور، ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها *** ولا أرض أبقل أبقالها
{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: أن في السماء جبال برد فينزل من تلك الجبال ما يشاء فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء.
الثاني: أنه ينزل من السماء برداً يكون كالجبال.
الثالث: أن السماء السحاب، سماه لعلوه، والجبال صفة السحاب أيضاً سمي جبالاً لعِظمه فينزل منه برداً يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء فتكون إصابته نقمة وصرفه نعمة.
{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: صوت برقه.
الثاني: ضوء برقه، قاله يحيى بن سلام ومنه قول الشماخ.
وما كادت إذا رفعت سناها *** ليبصر ضوءها إلاّ البصير
الثالث: لمعان برقه، قاله قتادة والصوت حادث عن اللمعان كما قال امرؤ القيس:
يضي سناه أو مصابيح راهب *** أمال السليط بالذبال المفتل
فيكون البرق دليلاً على تكاثف السحاب، ونذيراً بقوة المطر، ومحذراً من نزول الصواعق.
قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ} فيه ثلاث أوجه:
أحدها: هو أن يأتي بالليل بعد النهار ويأتي بالنهار بعد الليل، حكاه ابن عيسى.
الثاني: أن ينقص من الليل ما يزيد من النهار وينقص من النهار ما يزيد في الليل، حكاه يحيى بن سلام.
الثالث: أنه يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى، ويغير الليل بظلمة السحاب مرة وبضوء القمر مرة، حكاه النقاش.
ويحتمل رابعاً: أن يقلبها باختلاف ما يقدر فيهما من خير وشر ونفع وضر.


قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبّةٍ مِّن مَّاءٍ} فيه قولان
أحدهما: أن أصل الخلق من ماء ثم قلب إلى النار فخلق منها الجن، وإلى النور فخلق منها الملائكة، وإلى الطين فخلق منه من خلق وما خلق، حكاه ابن عيسى.
الثاني: أنه خالق كل دابة من ماء النطفة، قاله السدي.
{فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} كالحية والحوت
{وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رَجْلَينِ} الإِنسان والطير
{وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} كالمواشي والخيل، ولم يذكر ما يمشي، ولم يذكر ما يمشى على أكثر من أربع لأنه كالذي يمشي على أربع لأنه يعتمد في المشي على أربع.


قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُواْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ} هذه الآية نزلت في بشر، رجلٌ من المنافقين كان بينه وبين رجل من اليهود خصومة فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودعاه بشر إلى كعب بن الأشرف لأن الحق إذا كان متوجهاً على المنافق إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسقط عنه، وإذا كان له حاكم إليه ليستوفيه منه فأنزل الله هذه الآية.
وقيل: إنها نزلت في المغيرة بن وائل من بني أمية كان بينه وبين علي كرم الله وجهه خصومة في ماء وأرض فامتنع المغيرة أن يحاكم علياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنه يبغضني، فنزلت هذه الآية.
{وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} فيه أربعة أوجه
أحدهما: طائعين، حكاه ابن عيسى.
الثاني: خاضعين، حكاه النقاش.
الثالث: مسرعين، قاله مجاهد.
الرابع: مقرنين، قاله الأخفش وفيها دليل على أن من دعي إلى حاكم فعليه الإِجابة ويحرج إن تأخر.
وقد روى أبو الأشهب عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دُعِيَ إِلَى حَاكِمٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْ فَهُوَ ظَالِمٌ لاَ حَقَّ لَهُ». ثم قال: {أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} فيه قولان:
أحدهما: شرك، قاله الحسن.
الثاني: نفاق، قاله قتادة.
{أَمِ ارْتَابُواْ} أي شكوا ويحتمل وجهين:
أحدهما: في عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: في نبوته.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9